المؤتمر الثالت في بيت لحم 2013

لمسرح المدرسي بين الواقع والمأمول

خلفية تاريخية:

بعد أن وقعت الأراضي الفلسطينية التي تبقت من فلسطين التاريخية (الضفة الغربية وقطاع غزة) تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م، عمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض قيود على النظام التعليمي، حيث أبقت على كتب المناهج الأردنية في مدارس الضفة الغربية، وعلى كتب المناهج المصرية في مدارس قطاع غزة بعد أن ألغت منها بعض الكتب مثل كتاب التربية الوطنية، وحذفت كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، واستبدلت بكلمة "فلسطين" حيثما وردت كلمة "إسرائيل"، وانتهجت سياسة تقوم على إلزام الطلبة والمعلمين بما ورد في هذه الكتب دون زيادة، ومن جهة أخرى قامت بدفع رواتب متدنية للمعلمين دون أي حافز يحفزهم على الإبداع والإشراف على أنشطة مدرسية خارجة عن هذه الكتب، الأمر الذي أدى إلى انعدام النشاطات المدرسية الثقافية والفنية والعلمية، ومنها المسرح المدرسي، واقتصر الأمر على الأنشطة الرياضية المحدودة داخل أسوار المدرسة.

ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية وتوليها زمام العملية التعليمية في العام 1994م وضعت وزارة التربية والتعليم خطة النهوض بالعملية التعليمية، ومنها النشاطات المدرسية، فأنشأت إدارة عامة للأنشطة الطلابية مهمتها وضع الخطط الكفيلة بالكشف عن مواهب الطلبة وإبداعاتهم في شتى المجالات، ومن ثم العمل على تنميتها ومتابعتها.

واقع المسرح المدرسي:

ان الواقع الذي يعيشه طلبة فلسطين بكل أبعاده جعل من حياتهم اليومية حياة حافلة بالقصص والمواقف، ناهيك عن العديد من الأمور والقضايا الاجتماعية التي تفرض نفسها على المجتمع الفلسطيني، كل ذلك ساهم في خلق بيئة يمكن أن تكون مسرحا لمسرح متجدد، سواء في المدينة المحاصرة، أو المخيم المزدحم، أو حتى القرية المهمشة.

 بكل هذه الأطياف تنوع المجتمع الفلسطيني ولكل حكايته الخاصة ومسرحه الخاص.

ورغم هذا وذاك يعد المسرح المدرسي في فلسطين فقيرا جدا إلى العديد من المقومات التي تدعم إنتاج وإخراج أعمال مسرحية من طلبة المدارس أنفسهم، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة أهمها:

  1. عدم توفر كوادر مؤهلة من المعلمين في المدارس قادرين على نقل أدنى المهارات المسرحية للطلبة.
  2. عدم توفر المساحة الكافية من الوقت ضمن المناهج المدرسية لممارسة هذا النشاط ضمن إطار منهجي.
  3. ضعف الوعي المجتمعي بأهمية المسرح في تنمية وصقل شخصية الطلبة.
  4. شح الإمكانات المادية للتعاقد مع مؤسسات محلية وخبراء لتدريب الطلبة وإنتاج أعمال مسرحية مدرسية.
  5. عدم وجود مسارح في المدارس سواء القديمة أو ذات الإنشاء الحديث.
  6. افتقار المؤسسة الثقافية إلى النص المسرحي المتميز الهادف.

رغم ما ذكر إلا أن المحاولات لإنتاج أعمال مسرحية ليست معدومة بشكل مطلق في المدارس الفلسطينية في الوقت الحاضر، فهناك من المعلمين من يهتم ويؤمن بقدرة المسرح على صنع التغيير، وبشكل فردي استطاع هؤلاء تبني بعض القضايا المجتمعية والقيمية والتربوية، وبالتعاون مع الطلبة الموهوبين في مدارسهم وتمكنوا من إنتاج بعض الأعمال المسرحية المتواضعة التي كانت تعرض في احتفالية نهاية العام الدراسي، أو اليوم المفتوح أو غيره من المناسبات المحلية، دون ادني تغيير أو تعديل، وقد لا يتجاوز عدد العروض للعمل المسرحي الواحد مرة أو اثنتين.

يكاد يقتصر ذلك على المدارس الخاصة، وبعض من المدارس الحكومية، في حال توفر العوامل المساندة لإنتاج هذا العمل.

ولا بد في هذا المقام من التنويه إلى أن هناك العديد من المؤسسات المحلية المختصة في مجال المسرح عملت وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بشكل فردي ومرتجل، على تأهيل بعض المعلمين المهتمين دون وضع خطط للمتابعة أو التطوير المستقبلي، لذلك كانت معظم البرامج المنفذة من قبل المؤسسات الشريكة غير مؤثرة بالشكل المطلوب.

وبقي هذا الواقع مستمرا منذ تولي السلطة الوطنية الفلسطينية زمام العملية التعليمية الى عام 2010م.

بعد ذلك أخذت الإدارة العامة للأنشطة الطلابية على عاتقها تطوير المسرح المدرسي في مدارس فلسطين، حيث عمدت الى إدخال العديد من البرامج التي تهدف إلى توعية المجتمع الفلسطيني بأهمية المسرح المدرسي.

بوصفه:

  •  وسيلة تعليمية ناجعة.
  • وسيلة ترفيهية للتخفيف من الضغوط النفسية الواقعة على الطلبة.
  • وسيلة تعبيرية تحمل رسالة سامية.

وفي هذا الإطار تم التعاقد مع العديد من المؤسسات المحلية المعنية بتطوير كوادر من المعلمين، يستطيعون نقل مفردات ومهارات المسرح التعليمي إلى الطلبة بالطرق السليمة، كما أدرج المسرح المدرسي ضمن الخطة السنوية للإدارة العامة للنشاطات الطلابية، على شكل مسابقة سنوية تفسح المجال لجميع طلبة المدارس للمشاركة في إنتاج أعمال مسرحية بواقع عمل مسرحي واحد على الأقل في كل مدرسة.

 وعلى صعيد آخر تمت المشاركة بأعمال مسرحية تم إنتاجها من الطلبة أنفسهم بالتعاون مع عدد من المؤسسات المسرحية في العديد من المهرجانات المسرحية الدولية منها:

  1. مهرجان المسرح المدرسي الأوروبي في كل من اليونان عام 2010م وفي ايطاليا عام 2011م
  2. مهرجان المسرح المدرسي العربي الأول في المملكة الأردنية الهاشمية عام 2013م حيث حازت مسرحية بعنوان السحر والشعوذة من إنتاج مدرسة بنات شهداء بني نعيم على الدرع الذهبي كأفضل عمل مسرحي.

الرؤية:

إيجاد مسرح مدرسي يفسح المجال أمام الطلبة والمعلمين لإظهار قدراتهم وإبداعاتهم، ومن ثم التعبير من خلاله عن قضايا تربوية ومجتمعية، تمسهم والمحيط الذي يعيشون فيه، وصولا إلى خلق جيل واع بأهمية المسرح كوسيلة تعبيرية.

ولتحقيق ذلك نرى أنه لا بد من اتخاذ الخطوات الآتية:

  • القيام بحملة توعية تشمل كافة مكونات النسيج المجتمعي، بدءاً بصناع القرار في وزارة التربية والتعليم، وصولا إلى أهالي وأولياء أمور الطلبة.
  • التعاون مع المؤسسات المسرحية الوطنية من اجل تقديم عروض مسرحية أمام الطلبة والأهالي.
  • توفير الميزانيات اللازمة لإنشاء مسارح مدرسية مجهزة بتقنيات المسرح.
  • تدريب وتأهيل معلمين ممن لديهم الاستعداد والرغبة على المهارات المسرحية لينقلوها بدورهم إلى الطلبة.